MENU

ZAILA.COM
Asilah.fr

CULTURE LOCALE

OUSSAMA ZOUGARI

zaîla.Arts 

عبد السلام الشويخ.. فنان متميز، ومثقف نبيل، ومربي عصامي، وصديق حميم. جمعتني به مرحلة الصبا والطفولة بحي "سيدي والو" بمدينة أصيلا، وجمعتنا الدراسة بمدرسة محمد الإدريسي ثم بثانوية الإمام الأصيلي، قبل أن يلتحق بمدينة طنجة لمتابعة دراسته في شعبة الفنون التشكيلية عند مطلع ثمانينات القرن الماضي. وبعد حصوله على شهادة الباكالوريا، توجه نحو الديار الفرنسية لمتابعة دراسته العليا في مجال تخصصه. وإلى اليوم لازال مستقرا بفرنسا، حيث يمتهن مهنة تدريس الفنون التشكيلية، إلى جانب الاضطلاع بالكثير من المهام ومن المسؤوليات داخل مجال عمل المجتمع المدني وداخل عوالم الفن والإبداع. وعلى الرغم من ابتعاده عن حضن مدينته أصيلا، فقد ظل يحمل فضاءاتها معه في قلبه حيثما حل وارتحل، واستطاع أن يؤسس أول موقع إلكتروني خاص بالتعريف بالمدينة وبمختلف أوجه عطائها، خاصة في المجال الثقافي. وبهذه الصفة، أصبح الفنان عبد السلام الشويخ رائد ميدانه بامتياز. يحمل عبد السلام الشويخ طاقة هائلة من الأمل ومن التقدير للآخر، وهي الصفة اتي لازمته منذ صباه، أستحضرها وأنا أتذكر الساعات الطوال من الشغب الجميل الذي كنا نمارسه داخل فضاءات مؤسسة دار الشباب بأصيلا، أو بحديقة مسجد الحسن الثاني بنفس المدينة، أو بين دروب "حي سيدي والو" وأزقته الضيقة.
       وبموازاة ذلك، ظل عشق الفنان الشويخ لمدينة أصيلا عنوانا لانتماء هوياتي وجد تعبيرات عميقة عنه في العديد من المبادرات ومن الإسهامات الثقافية غير المسبوقة. وللاقتراب من سقف هذا الأفق الثقافي النبيل، أقترح إعادة نشر نص كلمة موجزة سبق وأن كان لي شرف نشرها، احتفاءً بالمبدع عبد السلام الشويخ وبموقعه الإلكتروني "زايلا.كوم". تقول هذا الكلمة:   
         استطاع الفنان عبد السلام الشويخ أن يجعل من "نافذته" الإلكترونية المسماة "زايلا.كوم"، منفذا مشرعا بالنسبة لكتاب مدينة أصيلا ولمثقفيها على العالم، ليس فقط على مستوى المواكبة اليومية للوقائع الثقافية التي تراكمها النخب المحلية، سواء منها المستقرة داخل المدينة أو خارجها، ولكن –كذلك– على مستوى تجديد آليات التعاطي مع ذاكرة المدينة ومع مكونات هويتها الثقافية الأصيلة التي ارتبطت بها على امتداد القرون الطويلة الماضية من تاريخها المديد. ولعل من عناصر القوة في تجربة الفنان المبدع عبد السلام الشويخ، ابتعاده عن التعامل الانتقائي أو عن التخندق الضيق أو عن التورط في المواقف الانفعالية الآنية، إذ سعى إلى جعل موقعه الإلكتروني منبرا لكل الأصوات ولكل التجارب ولكل الجهود، مع تباين مواقفها وعلى اختلاف منطلقاتها ومع تعدد اهتماماتها. لذلك، لم يكن غريبا أن يتحول موقع "زايلا.كوم" إلى  ملاذ لقطاعات هامة من الذوات المبدعة والفاعلة من أجل إيصال أصواتها ومعالم عطائها إلى كل العالم، بل وللتعريف بالكثير من المجهودات الجمعوية المحلية التي لا تستطيع أن تضمن لنفسها آليات التواصل على صفحات المنابر الإعلامية التقليدية لأسباب متعددة، مرتبطة في مجملها بواقع العمل الإعلامي الوطني المتقوقع –في الغالب– على رؤاه المركزية والمبتعد عن الإنصات لأصوات "الهامش"، رغم أن هذا "الهامش" يشكل اختزالا لخصوصيات عطاء المغرب العميق في مستوياته المرتبطة بالنظم المعيشية اليومية وبالأنساق الفكرية والإبداعية المتشعبة وبالموروثات الرمزية التي يراكمها المجتمع في سياق تطوراته الطويلة المدى. وعلى الرغم من أن موقع "زايلا.كوم"، قد وجد نفسه في خضم مسؤوليات شاقة مرتبطة بضرورات تطوير الإخراج الفني والتقني لصفحاته، ثم بإكراهات تحيين المعطيات، وبصعوبات مواكبة تفاصيل "اليومي الثقافي" التي تنتجها المدينة، فإن الفنان عبد السلام الشويخ قد استطاع اكتساب الكثير من عناصر التقدير والإعجاب، بالنظر لقيمة عمله الفردي –وأؤكد الفردي– الذي استطاع أن يحقق استمرارية نادرة وجودة متطورة، بشكل نكاد لا نجد مثيلا له في أي موقع إلكتروني آخر متخصص في رصد تحولات ذاكرة مدينة أصيلا وأوجه عطائها الثقافي.
وعلى الرغم من كل ما يمكن أن يقال عن طريقة تقديم بعض المواد، أو عن بعض عوائق المواكبة اليومية الدقيقة لتفاصيل عطاء المدينة، خاصة في المستويات الثقافية والجمعوية، فالمؤكد أن موقع "زايلا.كوم" قد فرض اسمه كأهم فضاء إلكتروني لإسماع صوت مدينة أصيلا في العالم، بلغات متعددة، أهمها العربية والفرنسية والإسبانية. لذلك، فإن أي تقييم موضوعي لا يستقيم إلا بأخذ بعين الاعتبار كل الإكراهات الذاتية والموضوعية التي ظلت تطوق عمل الفنان عبد السلام الشويخ في هذه التجربة المبادرة، وحسبه إقدامه على وضع أسس مغامرة إنشاء موقع إلكتروني متقدم للتواصل بين أبناء مدينة أصيلا المنتشرين عبر العالم، وإعادة نفض الغبار عن مكنونات الذاكرة المحلية الجماعية المنسية التي يعود لها الفضل –كل الفضل– في إكساب الهوية الثقافية المحلية للمدينة عناصرها المميزة وخصوصياتها الفريدة. باختصار، يمكن القول إن موقع "زايلا.كوم" قد فتح الباب واسعا أمام أبناء المدينة لإعادة قراءة مكونات ذاكرتهم الجماعية والإنصات لنبض العطاء الثقافي الخصب والمتجدد ورصد أشكال الفعل الثقافي الأصيل، سواء بالنسبة لعطاء نخب المرحلة أم بالنسبة لتراكمات الماضي التي صنعت وجه المدينة البهي بفعلها وبمبادراتها "اليومية" التي ظلت  بعيدة عن التداول أو التتبع الإعلامي بحكم انتظامها داخل نسق الحياة الاعتيادية التي لم تكن تثير انتباه الفاعلين والمهتمين. هي –إذن– حياة عميقة لمدينة عميقة، لا شك وأن تطوير تجربة الفنان عبد السلام الشويخ سيوفر لها الحضن الملائم للتطور وللنضج –وأساسا– للاستمرارية، خدمة لبهاء مدينة أصيلا الذي كان، واستشرافا لمستقبلها الذي سيكون.

الشويخ عبد السلام فنان تشكيلي  زيلاشي  

 

على الرغم من ابتعاده عن حضن مدينته أصيلا، فقد ظل  

يحمل فضاءاتها معه في قلبه حيثما حل وارتحل 

 

بقلم اسامة الزكاري 

الشويخ عبد السلام فنان تشكيلي  زيلاشي

على الرغم من ابتعاده عن حضن مدينته أصيلا، فقد ظل
يحمل فضاءاتها معه في قلبه حيثما حل وارتحل

بقلم اسامة الزكاري