نخلي عبدالقادر 

عبدالقادر نخلي

MENU

ZAILA.COM
Asilah.fr

CULTURE LOCALE

امْزورة موقع أثري غريب

تتعدد الشواهد  الأثرية بناحية أصيلة و تتنوع كآيات ناطقات باسم الاستقرار البشري  المبكر بالمنطقة  و أ نها  أيضا،  تعكس  غنى المنطقة بتراثٍ مادي يستحق الاهتمام و التتبع. من ذلك، المجمع  الأثري امزورة ـ اسْواحل على بعد 10 كلم  خطًا مستقيما جنوب شرق أصيلة،  أثر مُصمَّمُ  على شكل صِحْن  دائريِّ   تحُفُّه أعمدة  من حجارة / صخور  قائمة و مُنْتصبة بينما أُخرى مماثلة  تهاوت و تلاشت قريبا.. هذا النوع من الأطلال، يبدو غريب المظهر و الطراز و يثير الدهشة و  الفضول .. بل إنه من أبَالِغ الآثار و أقدمها بالمغرب...  حتى الآن لم يتم التوصل إلى صانعيها أوْ معرفة طبيعة و نوعيتها و بالأحرى  فكِ طلاسِمِها:  هل هو معْبد أمْ مدْفنٍ أمْ مسْكنٍ أمْ مصْنعٍ... فهو  موقع أثري ليس بالمُربع  كعمارة الروم و ليس بالمثلث كبُنيان الفراعنة و لا هو بالمدرَّج كهندسة الإينكا بأمريكا اللاتينية. هو أيضا منتشر ـ و إن كان بشكل محدود  و مغاير قليلاـ   عبر العالم  :  فنجده في اليابان و الهند و إفريقيا ـ السنغال و غانا، لكننا نقف عليه أساسا  بالجزر البريطانية ـ أيسكوسيا و فنلندا و فرنسا و البرتغال و بلاد الباسك ـ اسبانيا  على مقربة من المحيطات . أنظر الصور.
هذا النوع من الآثار يسمى بالْكرمْلِكْ cromlech  عند المهتمين،   أي مُجمع من صخور طولية منتقاة  و مُصطَّحة تم رصْفُها  بشكل عمودي   واحدا واحدا لتشكل  ما يٌشبه حافة صحن مستدير ذا قُطْرِ قد يتراوح  من  15مترا إلى 100 متر.  و يعود هذا النوع من البناء إلى  فترة ما قبل التاريخ  أي قبل عصر الكتابة و عصر الحديد و البرونز { 5000 سنة من يومنا هذا }.
كرُمليك cromlech  امزورة ـ اسواحل  هذا يبعد عن المحيط  الأطلسي ب  10 كلم  و  عن أصيلة المدينة ب 10 كلم أيضا،  بمعنى أنه يقع عند زاوية الْتقاء المسافتين .. و هو في   أرض سهلة و خصبة.   محليا  يعرف بالوتد { نسبة إلى أكبر و أعلى صخرة التي ظلت منتصبة بعين المكان  على شكل عمودٍ أو و تدٍ  عْلوه 6 / 5 أمتار ـ أنظر الصورة}
عرفه البرتغاليون في القرن 16 م،  بل و ترددوا عليه و أن  جنودهم كانت تستريح  في بهوه  و هم في  جولاتهم بالمنطقة.  و كانوا يسمونه بالصخرة العليا ـ  المرتفعة pedra alta  كما جاء في سرديات cronicas      برناردو رودريكزBernardo Rodriguez   ـ 1561  من ساكنة أصيلة.   فقد خرج إلى عين المكان و تردد عليه ،  و يقول أنه في كثير من الأحيان كان يسأل الموروس moros   ـ يعني المغاربة سكان المنطقة  ـ عن هذه الأطلال و تاريخها  لكن رودريكيز  Rodriguez  لم يكن مقتنعا بإجاباتهم .  و من وجهة نظره  أن هذه الآثار تدل  على  موقع لأداء القسم أو قبر أ و مدفنا لأحد الملوك  المبجلين  القدامى...
ظل المكان  على حاله عدة قرون فتغوَّلتْ عليه الطبيعة و نالت منه عوامل التعرية و امتدت إلية الأيادي البشرية  وصار نسيا منسيا، فلا نجد له ذكرا في الكتابات العربية الوسطوية  و لا حتي عند الرحالة الأوربيين في  بداية العصر الحديث،    إلى أن بدء الغربيون يهتمون به و يترددون عليه مند  ثلاثينيات  القرن 19.
لأول مرة سيتم الحديث عن هذه البقايا  الأثرية  بامزوة من طرف الأنجليزي آرثُرْ كوبلْ  ابروك  Artlur Coppel de Brooke, في كتابه  Sketches  in Spain and Morocco الذي نشره سنة 1831 . و صف كوبل Coppel   كروملك cromlech  امزورة ـ اسواحل بدقة و وصفه على حاله   كما هو،   و تحدث عنه بتفصيل و عن  عدد الصخور المنتصبة  { 90  وحدة مشكلة محيطا  شبه دائري طوله   80 مترا ..   و أن هناك معمل لحجر الصوان silex  و قال أن هذه الآثار شبيهة بتلك التي توجد بأنجلترا و أنها ربما  من عمل نفس القوم  و الثقافة... 
سنة     1875/76 زار الموقع شارل تيتسو Charle Titssot   ـ أب البحث الأكيولوجي بالمغرب  و  سفير فرنسا بطنجة و قتها،  و اعتبر أن السهل الذي توجد عليه آثار  امزورة  هاته تقع على  خريطة الطرق الرومانية  التي كانت تربط طنجس و طوكوسيدا ..  و أن ما نراه الآن من أثر ليس إلا  مركزًا لمجموعة من المعالم الأثرية أكثر أهمية بكثير ، لأن  المرء يلاحظ في الشمال والجنوب الغربي من التلة الترابية  على مدى 400 إلى 500 خطوة  حوالي خمسين منهرًا  manher  أي عمودا من حجر ، مستلقية أو قائمة ".
مابين 1932 و 1936 كان  موقع امزورة الأثري هذا موضع بحث أركيولوجي من طرف مونتلبان   Montalban  لكن النتائج و الخلاصات لم يتم نشرها .
سنة 1952 نشر ميخائيل طارديل   Miguel Tarradell ـ بعد عمل أركيولوجي مُضنٍ ـ   بحثا مفصلا عن كريملك امزورة و عرض فيه كل التفاصيل و القياسات و عدد الصخور و البيبليوغرافية المرتبطة بذلك،  و قدم العديد من الفرضيات لتفسير و فك ألغاز هذه الآثار.. يقول طارديل  في وصفه للمكان بأن الموقع عبارة عن تلة  من تُراب و حجر   أي كُدْية  ـ  جثْوَة  أو حدبة على شكل ظهر نصف بيضة  تبدوا طبيعية لكنها من صُنع البشر.. هذه الحدبة محاطة بصخور كبيرة   منتصبة  و متفاوتة الطول .. لتشكل في النهاية دائرة  قطرها 58 م  شرق  ـ غرب ، و 54 م شمال ـ جنوب  بمعنى شبه دائري . و خارج هذه الدائرة هناك صخور تلاشت و تحطمت دليل على أن المكان كان أكثر اتساعا.  و يقترح طارديل أن يكون المكان قبرا لأحد الملوك المحليين أو أن يكون  قبر  أنطيو العظيمgegante   Anteo …    باني مدينة طنجس حسب   الميتولوجيا الرومانية.. و في محاولة للتحايل على النصوص و الكتابات الرومانبة القديمة يذهب طارديل و غيره على اعتبار ان البطل العظيم أنطِيو ما هو إلا الجنرال الروماني سرطوريو .. general romano Sertorio . لكن الميتولوجة الإغريقية و البربرية تقول بأن سيفاكسْ Sufax   هو باني طنجة. و  نُضيف أن آثار امزورة هاته تعود إلى العصر ما قبل التاريخ ـ عصر الكتابة 2500 ق م ـ أي قبل أن يحط  الرومان رحالهم بشمال إفريقيا بقرون عِدة .  و يذهب الباحث الإيطالي  ـ Angelo Ghirelli 1930  إلى القول  : {أنه يمكن أن تكون هناك حضارة  قائمة ترسم خطا على طول  سواحل المحيط الأطليسي   و تعود إلى العصر الحجري الحديث}. 
توالت الأبحاث و تعددت لاحقا حول كريملك أمزورة لكنها في غالبيتها اجترار و إعادة لما سبق ... و أن الأمر يتطلب إعادة النظر.
معلومة
ميكائيل طارديل Miquel Tarradell كان مسؤول المتحف الأركيولوجي بتطوان و مفتش أركيولوجي و هو المسؤول الوحيد عن الآثار في منطقة الحماية الإسبانية


                                         عبدالقادر نخلي

عبدالقادر نخلي 

zaïla.Histoire 

امْزورة موقع أثري غريب