ZAILA.COM
Asilah.fr

CULTURE LOCALE

MENU

عبدالسلام الجباري 

zaîla.lettres 

يحيي بن الوليد 

يحيي بن الوليد 

من الانفلات إلى التجريف: عن معمار المدينة العربية ومعيار الربيع العربي (مقترب انثربولوجي) 

من وجهة نظر "التاريخ الجديد"(1)، وعلى النحو الذي يحرّره من "التقيّد الكلاسيكي" بـ "أصنام السياسة"، هناك اتساع في مفهوم الأرشيف.
ويشرح المؤرخ (المغربي) عبد الأحد السبتي الفكرة قائلا: "فالمصادر لم تعد تقتصر على المصادر الشفوية، بل أصبحت تشمل كذلك المصادر الشفوية، والمصادر المادية مثل المعمار والشواهد المتصلة بالحياة اليومية.

وهكذا يتم التكامل بين خزانة الكتب ودار المستندات والمتحف ذي المضمون الأركيولوجي والإثنوغرافي"(2). ولعل هذا التعريف هو ما يمكن اعتماده أيضاً على مستوى فهم "التاريخ الآني" وبخاصة من ناحية المعمار الذي هو موضوع بحثتا هذا. ذلك أن المعمار من المعايير الأساسية التي بموجبها يتشكّل المجتمع، والفرد، "أرشيفيا". هذا بالإضافة إلى ما يشهد المعمار عليه من ثقافات تتخلّلها رموز ومعتقدات وإيديولوجيات... دالة على أنماط حياة بشرية كلية. ومن ثم منشأ الحديث عن التعمير أو التمدين (Urbanisme) أو أنماط من التمدّن (Urbanité).


والظاهر أن المثقفين والأكاديميين العرب لم يتفطّنوا، من منظوراتهم المخصوصة، وبما فيه الكفاية، إلى أهمية التعاطي للغم فكري في حجم "لغم المعمار" الذي لا يمكن للمعماريين من باحثين ومؤرخين وخبراء... الخوض فيه بمفردهم دون أن يفيد هذا أي نوع من التشكيك أو التنقيص في قدراتهم. ولا يبدو غريبا، في مجموع النظرة للموضوع، تسجيل نوع من "الثقافة الغائبة"، في هذا المجال. وهذا مع أن المعمار، ورغم كونه يقع في أساس التعمير، مرتبط، بشكل وثيق، بالمجتمع في جدلياته المتصادمة ومعاييره الخليطة في الأغلب الأعم كما في الحال العربية ككل. فالتعمير مرتبط بالمجتمع، وكلاهما يؤثر في الآخر عبر رزمة من "التحيّزات الثقافية" و"الأنماط السلوكية" المتواكبة في أحيان والمتداخلة ــ إلى حد الاختلاط والتصادم ــ في أحيان أخرى.

وكان المجال أو بالأحرى "اللامجال"، أو "اللامدينة في المدينة"، ضمن العوامل الأساسية التي أفضت إلى إشعال الحريق العربي في أواخر عام 2010. فالمدينة لم تكن مجرد مصاحب أو شاهد أو متفرّج على ما حدث... بقدر ما كانت في حد ذاتها بمثابة رمال ونيران وبركان... لما حدث. والمدينة بقدر ما يشكّلها البشر بقدر ما تشكّلهم. ولعلّ هذا ما حرصنا على دراسته في آخر بحث مصغّر لنا منشور هنا في "معهد العالم للدراسات" تحت عنوان "عن المدينة وأحيائها المعدمة في ثورات العرب الأخيرة: مقترب ما بعد كولونيالي عام"؛ ولذلك لا داعي للتكرار (3). (انظر الرابط:  alaalam.org)

وأما في هذا البحث فنهدف إلى مواصلة دراسة الموضوع نفسه، الذي هو موضوع المدينة من ناحية صلاتها بالمعمار المفتّت، من منظور اقترابي محصّلاتي (من الحصيلة) لـ "معيار الربيع العربي" ذاته، دون تغافل عن خلفية موضوعنا (البحثية) وبخاصة من ناحية عدم التركيز على العامل السياسي بمفرده ومن منظور "فوقي" يتعالى على "فرن المعمار" بنتائجه الكارثية على مستوى السياسية والاجتماع والثقافة... وعلى مستوى تعطيل عمل المدينة وتدبير إمكان العيش "الهوياتي" المشترك.
وفي هذا السياق لا نملك إلا تثمين فكرة لافتة لأحد أبرز رواد الفكر المعماري العربي المعاصر وهو المعماري الأردني/ الفلسطيني الشهير راسم بدران في دعوته إلى "ربيع معماري عربي" وفي المدار ذاته الذي يركّز على ضرورة تناسب الأبعاد الاجتماعية والثقافية والبيئية في العمارة العربية. ودعوى ربيع معماري عربي لا يمكنها إلا أن تكون في حدّ ذاتها إشكالية كبرى لمقاربة بيْنية أو متعدّدة أو متضافرة التخصّصات... وضمنها مقاربة "التحليل الثقافي" المرن التي نأخذ بها على نحو يشرك معارف ومناهج ونظريات... في التحليل ذاته. فالتمدين المنفلت يفرز "ثقافة معادية"، وموسِّعة لدغل هذا التمدين... مع ملحوظة تفرض ذاتها ومفادها أن هذه الثقافة لا تقدّم أنساقها بشكل واضح، لكن رسائلها (العملية والآكلة) تظل "شاخصة" كما هو الشأن بالنسبة لثقافة جماعات المتسوّلين في القاهرة (4). وفي هال أخرى من غير حال العرب، لكن في سياق التمدين المنفلت ذاته، يمكن الإشارة إلى مصطلح "ثقافة الكراهية" الذي استخدمه وزير الداخلية الفرنسي لـ "وصف" أحداث ضواحي باريس لعام 1998(5). وهو ما سيتمّ استبداله بتوصيف أرعن هو "الهوية الاجتماعية والإثنية لرعاع الضواحي" في إثر الأحداث العنيفة للضواحي عام 2005. وكان لنيكولا ساركوزي، الذي سيغدو رئيساً لفرنسا بعد عامين لا أكثر على اندلاع الأحداث، إسهامه في هذا "الكليشيه" المنتظم ضمن الحرب الثقافية وليس الآلة السياسية بمفردها.

ومن وجهة نظر تاريخية فإن الفعل الذي أقدم عليه البوعزيزي (المواطن التونسي البسيط من قبل والأيقونة العالمية من بعد)، حين أحرق ذاته في 17 ديسمبر 2010 وعلى النحو الذي فجّـر الحراك الثوري العربي بعامة، جاء في سياق تراكمات سابقة وتضحيات متشابهة... وذلك كلّه سواء في تونس أو في غيرها من البلدان العربية التي لم تسلم من نيران الحراك الثوري، غير أن هذه التراكمات والتضحيات لم تبلغ "حدّ القطيعة"(6) كما ترجمها فعل البوعزيزي. ومعنى ذلك أن دور البوعزيزي، على مستوى تفجير الحراك العربي، هو دور "العامل" في ظل بنيات متيبسّة ومتصلّبة نتيجة "سيرورة طويلة الأمد"(7).

وبما أن الثورات العربية ليست مجرد برق لاح في السماء أو مجرد قوسين في التاريخ (كما يقال)، وبما أنها كانت نتيجة "أمد طويل"... فإن الرهان على مكاسبها سيكون، بدوره، نتيجة أمد طويل أو نتيجة "سيرورة ثورية طويلة الأمد" لا بد من أن تكون معزّزة بمقاربات عميقة وبنقاش عام جاد ومسؤول. ثم إن ما أسميناه أو بالأحرى إن ما يجمع كثيرون عليه تحت مسمّى "التمدين المنفلت"، في "المجتمع الموازي" (Société Parallèle)(8) تعيينا، ومن حيث هو مجتمع من غير مجتمع المثقفين والأحزاب والنقابات والتنظيمات الشعبية... وغير ذلك من أنماط التمثيل السياسي التي تتأطر داخل المجتمع المركزي أو الرسمي أو المرجعي أو الحكومي... وفي المدار ذاته الذي أفضى إلى التجريف المعماري، هو ما لا يكترث به الأكاديميون والمحللون والخبراء والكتّاب والشعراء وأهل الفن. لقد تمّ التشديد على الواجهة السياسية وبخاصة من ناحية الدستور أو "الدستورانية". وكان من المفهوم أن يتمّ التشديد على هذه الواجهة؛ ذلك أن السلطان العربي، ومن منظور "الآداب السلطانية"، لم يكتف بـ"ظل الله على الأرض" في ظل "الدولة السلطانية"؛ ولم يقتنع حتى بـ"ما لله لله وما لقيصر لقيصر" وذلك حين حوَّل كل شيء كما ذكّرنا الكاتب الأردني خيري منصور في عزّ الحراك. والحصيلة: محو الدولة ذاتها، وشطب العمل السياسي (برمتـِّه)، بل شطب العلوم الاجتماعية التي يمكنها هي الأخرى تعميق النقاش بخصوصها.
إلا أن ما سلف، وعلى أهميته البالغة، لا ينبغي أن يفضي إلى تلخيص النقاش في الدسترة وعلى النحو الذي بموجبه تغدو الثورات رديفا للدسترة. ذلك أن الدستور "إنما هو إطار للعمل، ووسيلة إضافية للمزيد من تنظيم الجماهير وتعبئتها ضد الاستعمار الجديد"(9) كما قال الثائر المغربي المهدي بن بركة في عز سنوات الغليان الإيديولوجي ومقابلتها الجارفة "سنوات الجمر والرصاص" وفي فترة (1962) لم يكن فيها شيء يذكر قد استقرّ سواء في المغرب أو في كثير من البلدان العربية.
ثمة، إذن، مجال أوسع، وأصعب، يمكن تأطير الدسترة في إطار منه، دون إغفال تشابكات الديموغرافيا وإعادة الإعمار، وهو مجال "التحرّك نحو الديمقراطية" الذي يدعم بناء الدولة الحديثة التي تحمي ــ أيضا ــ من "الحروب الثقافية" التي تتأكد من خلال ألغام الطائفية والمذهبية والإثنية والقبلية والعصبية والجهوية والنزعات الانفصالية. والحرب الطائفية، مثلا، وباعتبارها أخطر ما يكون ضمن هذه اللائحة، تبدو في بنية أنظمة بلدان عربية بسبب من التعددية (الدينية والمذهبية والإثنية والثقافية) التي تتصف بها هذه البلدان. وذلك كلّه متوقف على تدبير التعدد والاختلاف. وكما يقول الدارس الهندي ديبيش شاكرابارتي (Dipesh Chakrabarty): "لقد أصبح مفهوم التعددية اليوم بارزاً في الديمقراطيات أكثر من مفهوم التنمية"(10). والديكتاتور لم تكن تهمّه التعددية أساسا أو إن التعددية الوحيدة التي كان يقبل بها هي التعددية الشكلية والتابعة. ولعل ما كشف الحراك عنه هو هذا النوع من التطلّع نحو "ثقافة مغايرة" لثقافة الإذعان والإخضاع والتفتيت اليومي.


متظاهرة ضد حكم الرئيس الليبي السابق معمر القذافي

في الحال التونسية، التي كانت في شرارة الحراك، لا يمكن تغييب نمط التمدين السائد داخل المقاربة التي تسعى إلى التعاطي مع المجتمع التونسي في "مجموعه" أو في "كليته" (Totalité). ولقد أسهم التمدين في ما يمكن نعته بـ “النمط المجتمعي التونسي الكلي" الذي ظل، في سياق الخوف من كل ما بإمكانه تهديد النمط المجتمعي التونسي الذي بني على "مبادئ الحداثة والحريّات العامة والشخصي" كما يصفها المؤرخ التونسي هشام جعيط، يتمنّع على العامل الديني ــ مقارنة مع منطقة الشرق الأوسط ــ لكن دون أن يعني ذلك عدم تديّن المجتمع التونسي بخاصة من ناحية بورجوازيته؛ حسب هشام جعيط نفسه (11). 
والتأثير الجارف، في إطار من الطابع المجتمعي الحدّي للحراك التونسي، كان أيضا من ناحية التمدين المفتّت أو من ناحية "عمارة تونس المهدورة" تبعا لعنوان حوار مع الأكاديمي التونسي (المختصّ في تاريخ التمدن) فوزي محفوظ. يشرح هذا الأخير في الحوار نفسه أن الدولة، باعتبارها السلطة المركزية المنظِّمة للمجتمع، "تخلّت عن دورها التنظيمي لمباني المدينة، ولم تعد لها تلك النظرة التي كانت ترى في العمران مكوّناً أساسياً من مكوّنات سلطتها ومجال تدخلها". وهذا ما عالجه الباحث نفسه في كتابه "عمارة الخلفاء" (2013) التي يقصد بها "العمارة الرسمية التي أنجزها الحكام كتعبير مباشر منهم عن سلطتهم المطلقة وتنظيماً منهم للشأن العام"(12).
وتأثير الاستعمار، في تونس العاصمة، بارز وبخاصة من خلال ما يصطلح عليه في النقد المعماري وتخطيط المدن، بـ"النموذج الهوسماني" (التوزيع الوظيفي): نسبة إلى البارون جورج يوجين هوسمان (G.E.Haussman) (1809 ــ 1891) "الأب المؤسّس" لقانون التمدين الفرنسي(13) وصاحب التأثير الأبرز على التحديث، المعماري والاجتماعي في آن واحد، لباريس (وضاحيتها)، من 1853 إلى 1870، من خلال شريان المركز ذي الشوارع العريضة أو البوليفارات (Boulevards). ويشرح فوزي محفوظ أن الأثر الاستعماري على مستوى تخطيط المدن قد جعل الطرق الرحبة شريان المدينة الحديثة، فهي التي تؤدي إلى الساحات والمجمّعات السكنية أو الصناعية والتجارية. وذلك في قطيعة مع الرؤية التي وسمت التخطيط القديم، حيث الأزقة الضيقة للمدينة العتيقة المتسمة بالدائرية والالتفافية تبحث عن النسق الروحاني التأملي. والمصمم المعماري القديم -كما يواصل فوزي محفوظ-  يبدو كما لو أنه كان "يخشى الضياع والانفلات وعدم التحكم في المجال الواسع، فكثّف من الأسيجة والأسوار".
والحصيلة أن المعماري التونسي الحديث سقط في هذا الضياع الذي بلغ حدّ الانفلات؛ وهو ما تزايدت حدّته، بعد ثورة 14 يناير/ كانون الثاني2011، بشكل غير مسبوق من خلال عشوائيات تبنى "بين يوم وليلة" (كما في سائر البلدان التي تعاني الظاهرة نفسها) ومن خلال مبانٍ متلاصقة في تجمّعات هي للإسكان والتكديس (غير المشروع) وليس لأنماط التمدين الحضري والتصميم البيئي. إضافة إلى أكوام الأزبال، غير البعيدة عن البنايات العالية والواجهات الزجاجية، التي صارت لافتة للأنظار وسط العاصمة ذاتها.

وفي حال المغرب، وقبل إيجاز الحديث عن القاهرة وحلب، ثمة المدن التقليدية وثمة المدن التي خلقها الاستعمار أو كان الاستعمار في أساس جعلها نواة لمدن لاحقة. ولنا في نموذج الدار البيضاء مثالاً للمدينة التي خلقها الاستعمار عن طريق الهندسة المعمارية الحديثة وعلى النحو الذي جعلها مختبراً لطرازات هندسية من آرت ديكو وفن بواخري وموريسكي واستشراقي وعربي... إلخ (14). وذلك كله في المدار الذي جعل منها عاصمةً اقتصادية، وعلى النحو الذي أفضى بها إلى التأشير على ميلاد "البروليتاريا". ومن ثم بداية العشوائيات وأحزمة الفقر والدعارة غير المهيكلة... وغير ذلك من الظواهر التي يمكن تأطيرها ضمن "أمراض" أو "باتولوجيا المعمار". ومن ثم مصطلح "وحش المعمار" (Monstre de l’Urbanisme) كما عبّر عنه المهندس التعميري الفرنسي ميشال إيكوشار (M. Ecochard) في مفتتح الخمسينيات من القرن المنصرم، بالنظر لما باشره من "تجريف معماري" آخذ في التوالد والاكتساح بالدار البيضاء (وقتذاك).
أجل لقد قدّم إيكوشار، في سياق "ميثاق أثينا" (Charte d'Athéne)، و"خطة مارشال"، مقاربة معمارية جماهيرية وظيفية من خلال ما يعرف بالسكن الاجتماعي "Trame 8x8" ("اللحمة الاجتماعية" كما يترجمها البعض). غير أن الانفجار الذي عرفته الدار البيضاء فيما بعد عمّق من التمدين المنفلت. والآن لا يمثل المركز إلا 5 في المائة من مجموع المجال الحضري للدار البيضاء حيث سيادة الحديد... وظواهر الانفلات وسطوح بنايات شاهقة تبدو كما لو أنها خرجت للتوّ من الحرب العالمية الثانية. ضواحي من عمارات كما في باقي مدن المغرب الكبيرة شيّدت دون مراعاة للجغرافيا المختلفة والثقافات الفرعية... إلخ.
إجمالاً شهدت الدار البيضاء أعنف احتجاجات وانتفاضات شهدها المغرب: في مرّة أولى في 23 مارس/ آذار 1965 وفي مرة ثانية في 20 يونيو/ حزيران 1981. وفي المرة الأولى كان الدافع هو الحق في التمدرس، وفي المرة الثانية كان الدافع هو الخبز. وفي كلتا الحالتين جوبهت الاحتجاجات بالرصاص الحي وسقط مئات الشهداء فيها. وبدءاً من العام الأخير صار ملف التعمير من الملفات التي تتحكم فيها الدولة بقبضة من حديد (15). ورغم ذلك فلا التقسيم (المحافظاتي) للمدينة، ولا المراقبة الأمنية العمودية، ولا باقي الأشكال الأخرى التي تندرج ضمن المقاربة ذاتها، بكافٍ أمام زحف الانفلات والتجريف... الذي يطال المدينة؛ ومن ثمّ عامل التمدين المنفلت على مستوى "القابلية للاحتجاج".


أحد الأحياء العشوائية في مدينة الدار البيضاء، المغرب

أما في ما يخصّ مصر، مقارنة مع بلدان الحراك العربي، فقد تركّز الحراك فيها أساساً في المدن الكبرى بدلاً من المدن الصغرى أو الريف (إلى جانب المدينة) كما في حال سوريا بشكل خاص. وكان للقاهرة، من خلال برلمان "ميدان التحرير"، ما شاءته من ناحية القطيعة مع "الاستمرار الفيزيقي" للديكتاتور في المشهد الأمامي. القاهرة التي خضعت، في هندستها المعمارية، للنموذج الهوسماني، والقاهرة التي كانت مرجعاً عالمياً لدرجة أن مدناً أوروبية كانت تقارن نفسها بها في العشرينيات من القرن المنصرم.

وكما في تونس، لكن بشكل أفظع، كان التراث المادي مستهدفاً بدوره من خلال عمليات الإخفاء والنهب والسرقة والاتجار. فبعد مضي أحد عشر شهراً، لا أكثر، على قيام الثورة المصرية، وعلى وجه التحديد في 17 ــ 18 ديسمبر 2011م، ومن ناحية التراث المادي والأثري والمنقول، سيطال حريق مهول ذاكرة مصر منذ عام 1798الميلادي: والمقصود "المجمع العلمي بالقاهرة". وكانت الحصيلة إتلاف آلاف المخطوطات القيّمة والكتب النفيسة والخرائط النادرة. وكما تعرض متحف الفن الإسلامي (وهو من أهم المتاحف الإسلامية في العالم ككل)، صباح يوم 24 يناير 2014م، لتدمير طال واجهته ذات الطراز الهندسي المعماري النادر؛ وقد تبنت مجموعة دينية متطرفة العملية.
ومن ناحية واقع التمدين فالوضع الآن في مصر بعامة مخيف وكارثي، وبخاصة في ظل تزايد اتساع وتآكل الجماعات الطبقية الدنيا، وأما الأرقام فرهيبة ومرعبة. فقد أصبح المصريون تسعين مليونا إلى درجة أن القاهرة بمفردها تستحوذ على عشرة ملايين. والأخطر أن أقل من ستة أشهر كافية لتقذف بمليون نسمة إلى ملاعب الديموغرافيا، والمعدّل مولود في كل خمس عشرة ثانية (16).

ومن المفهوم أن نقرأ عن مجموعات آدمية معلقة في أعشاش فوق سطوح لاهبة صيفاً وباردة شتاءً أو مجموعات مكدّسة في أكواخ وصناديق مظلمة في عشوائيات أرضية ملتصقة بمزابل دائمة ومفتوحة. إضافة إلى ما يزيد عن مليون ونصف المليون من البشر الذين يقطنون بالقاهرة ذاتها في مقابر من المفروض أن يخلد فيها الأموات للراحة، وقبل ذلك فارقوا الحياة ذاتها غير المأسوف عليها. واقع قائم بذاته وليس من باب الفانتازيا والتخييل...  ودال على انتفاء الشرط الآدمي في أدنى درجاته. إضافة إلى الحال المزرية التي صارت عليها المقابر على امتداد العالم العربي حيث الأزبال والقاذورات والمتسكعون والمتشرّدون والسكارى والمعدمون والخارجون عن القانون... وهذا مع أن هذه المقابر ينبغي لها أن ترقى إلى مستوى الوثيقة الدالة على المعمار والحضارة... كما هي الحال بالنسبة، ومن خارج لوثة التفاضل، لمقابر المسيحيين واليهود. ولعل هذا ما يدرسه علم مستقل وقائم بذاته هو علم المقابر (أو المقبريات) (Nécrologie) وبخلفيته الأنثروبولوجية التي ينبغي التنصيص عليها في هذا السياق المكرِّس لـ “اختلاف" الثقافات على مستوى التعاطي للمقابر في سياق تصوّر وتدبير المجال دون تمييز بين الأحياء والأموات.
في الحال السورية، وعلى وجه التحديد العام 2011، ترجمت إلى العربية أربعة كتب من ضمن ما كتبه أمريكيون وبريطانيون عن الحال السورية بصفة خاصة وقبل الحراك العربي الذي انطلق أواخر العام 2010. وعناوين هذه الكتب كالتالي: "السيطرة الغامضة، السياسة الخطاب، والرموز في السياسة السورية" (1999) لليزا وادين (Lisa Wedeen)، و"التسلطية في سورية، صراع المجتمع والدولة" (1999) لستيفن هايدمان (Stephen Heydman)، و"سورية: ثورة من فوق" (2001) لرايموند هينبوش (Raymond Hinnebush)، و"سورية: الاقتراع أم الرصاص؟ الديمقراطية والإسلامية والعلمانية في المشرق" (2006) لكارستن ويلاند (Carsten Wieland). وقراءة الكتب، أو الاطلاع على أفكارها الكبرى على الأقل، وفي تتميمها لبعضها البعض، يجعلنا على يقين (تامّ) بأن الأمر يتعلق بنظام متصلّب ويصعب عليه التنازل وممارسة السياسة. وأما العلمانية، التي يتظاهر بها "الأب الأعلى"، فهي منهكة بالطائفية ذاتها وبثقافة الخوف.

ومن هذه الناحية تبدو حالة حلب، ثاني أكبر مدن سوريا، و"مدينة التاريخ" كما قيل عنها، والمدينة التي ظل إيكوشار (سالف الذكر) يحيل عليها كمرجع عالمي، لافتة للغاية. وكانت المدينة قد شهدت نهاية السبعينيات من القرن المنصرم علامات نمو وعي ثوري جنيني مضاد لنظام الأسد. ومع دخول الثوار إليها في تموز 2012 رأى النظام في ذلك تحديّا مباشرا له ولـ “سوريا الداخلية" أو "سوريا المفيدة" كما يصطلح عليها؛ ومن ثم خيار العسكرة ونهج الحديد وسفك الدم وتعطيل الجسور ونسف المباني على رؤوس أصحابها... إلخ، ومن ثم خيار/ عنوان "الجغرافيا تصلح أداة للحرب".
ومع نشوب الحرب كان من المفهوم أن يضع من زار المدينة، ومن موقع الدارس للآثار والمعمار أو من موقع المتفاعل مع جمال المعمار، يده على صدره (كما يقال في التعبير الدارج) خوفا ممّا يمكن أن يلحق المشهد الإجمالي والتفصيلي للمدينة من دمار من المؤكد ألا يميّز بين الأحياء العربية وغير العربية من المسيحية والكردية والتركمانية.. جنبا إلى جنبٍ مع المساجد والصروح والمدارس والحمامات والأسواق والأبواب التاريخية... وذلك كلّه في دلالة على طرازات هندسية وأشكال من الزخرفة والأشرطة الكتابية وأعداد من القطع الأثرية... إلخ. هندسة معمارية تعود إلى القرن 12 الميلادي، أو أكثر، ودالة على طرازات من العصر المملوكي والفتح العثماني... غير أنها انتهت إلى يد "تتار جدّد" لا يقلون عطشا للتدمير والتطهير والتمزيق. أخطار هؤلاء، على المباني الأثرية والمعالم التاريخية، أفظع من أخطار الزلازل والسيول والأمطار والصواعق... إلخ. ولا يبدو غريبا أن تكون كلية الهندسة المعمارية في جامعة حلب، في 15 يناير (كانون الثاني) من عام 2013، عرضة لقصف صاروخي في يوم دام ذهب ضحيته 82 ضحية من الكلية ذاتها.


أحد الأحياء الشرقية لمدينة حلب بعد تعرضها لقصف من قوات النظام السوري

صحيح أنه، في الحال السورية وكما في الإعلام المرئي الحربي، هناك حرب على أرض الواقع وحرب في التلفزيون أو كما يقدّمها التلفزيون. وصحيح أن عمليات إخفاء وتفويت ونهب وسرقة... طالت التراث المادي والمنقول، لكن جميع المؤشرات تدل على مخطّط يهدف إلى تجريف الهندسة المعمارية وتدمير التراث المادي الثقافي للمدينة وتفتيت "كلاسيكيات" الديموغرافيا الاجتماعية. وكما يقول جان كلود دافيد (Jean-Claude David) (الباحث المشارك ضمن فريق آثار الشرق في المركز القومي للبحث العلمي) (Archéorient du CNRS): "لم يكن جوهر التدمير بفعل الخسائر الجانبية للمعارك أو تدمير مردّه أسلحة معارك الشوارع، والعصابات، بل إلى استخدام وسائل خصوصية، كُيِّفت لأهداف التدمير. فالحرب الجارية هي إذن أيضاً حرب تراث، موازية لحرب الأسلحة والجيوش، لكنها لا تبدو ثانوية بل وحتى إنها في بعض مظاهرها يمكن لحرب التراث هذه أن تكون الحرب الرئيسة"(17).

وكما أن المسألة ليست مسألة حرب على أحياء في أفق تحريرها أو استرجاعها بأي شكل من الأشكال، وإنما هي مسألة أو بالأدق استراتيجيا اجتثاث واستئصال في سياق "الذبح المعماري" المقصود والمتعمد. يواصل جان كلود دافيد قائلا: "ومن الواضح أن هدف الاستعادة لا يقتصر على استرجاع مجموع الأحياء لإعادة ضمها إلى الكيان العمراني وإعادة تكوين وحدة كانت على الدوام جزئية وغير متساوية، بل هو في أفضل الحالات استرجاع فضاء نُظِّفَ من سكانه لتعميره من جديد حسب معايير جديدة وربما في جزء منه مع سكان جدد وفعاليات جديدة، فضاء فُرِّغ من المتمردين الذين استقروا فيه ومن السكان الذين آووهم طوعاً أو غصباً، وكل ذلك بمساعدة الروس بلا شك، وربما من خلال إعادة إنتاج نموذج غروزني". والمخطط له: "مدينة مختلفة سوف ترى النور بعد الحرب، مقطوعة عن الموروثات وأنها لن تبنى من جديد على القواعد نفسها والمنطق نفسه"(18).
وإجمالاً كان التمدين المنفلت، وفي المدار ذاته الذي يجعل منه مجلى للاستبداد السياسي والبلوكاج الاجتماعي(الانغلاق) والتصحّر العقلي، والفوضى والعبث، ليس في وجع الإنسان العربي فقط، إنما في تشوّيهه ــ جسديا ــ أيضا. والظاهر أن "علم نفس المسحوقين"، أو "المضطهدين"، الذي مارسه فانون ضد "ذل الاستعمار"، من أجل فهم ما نعته فانون نفسه، في كتابه "معذبو الأرض"، بـ “الاختلالات النفسية" (Troubles) التي كانت تعتصر "الإنسان ــ المستعمـَر" نتيجة الاستعمار، يفيد في السياق العربي المعاصر. فالاستبداد العربي كان له تأثيراته على "الجسد" ذاته، ومن ثم أهمية تنزيل السياسة من المجرد إلى مجال الجسد لاستخلاص "التشوهات" التي طالت هذا الأخير نتيجة تراكم طبقات الاستبداد؛ ولعل هذا ما قصد إليه الفيلسوف ميشال فوكو بـ “السياسة الحيوية" (Biopolitique). وكان فانون، بدوره، قد تحدّث عن "التوتر العضلي" (Musculaire)(19) الذي تسبّـب فيه عنف الاستعمار الوحشي بشكل مباشر. و"السلطان على البشر يعني دائما السيطرة على أجسادهم" كما يقول الباحث الأنثروبولوجي كريستوف فولف (Christopher Wolf)(20).

مؤشر الربيع العربي "المعماري":

في الحال العربية ككل، وفي ضوء معيار الربيع العربي، وعلى مستوى المعمار، من الجلي أن تكون الحصيلة مدينة منهكة... ومتهدّلة ومتآكلة بشكل يومي. إجمالا إن ملف التمدين تضاعفت مشكلاته، ولا باعث على الانتساب للمدينة أو تلبية هذه الأخيرة لقدر من حاجيات الأفراد في المدى المتوسط. مدينة تبدو بدون هوية وبنية ودلالة، ولا أمل يحرّر النظرة من أن تتراوح ما بين أنياب الفوضى والانفلات والتجريف والمحو والاجتثاث... على مستوى التعاطي للهوية المعمارية للمدينة العربية. هناك اختلاف لكنه يطال الدرجة وليس النوع. ومن ثم أهمية النزول إلى الأرض، في دلالة على التشابك مع الموضوع، بدلاً من التخندق في نظرة فوقية كما قلنا في المقدمة. إجمالاً "الثورة من فوق" غير كافية، وقبل ذلك لا تفي بتدارك ما ينبغي تداركه من تجريف من الأسفل. فالفرن، أو الأبوكاليبس، قائم على الأرض ذاتها.

وعلى مستوى آخر من غير المفيد أن ننجرف نحو "خطاب النهايات السعيدة"، ونتحدّث ــ بالتالي ــ عن "موت المدينة العربية" التي آثرنا الحديث عنها من خلال نماذج محدّدة. وحتى أحياء الصفيح أو العشوائيات (في قواسمها المشتركة بدلاً من تسمياتها المتعدّدة)(21)... لا نفهمها بالشكل المطلوب. فـ"أحياء الصفيح ليست نتاجاً للبؤس، ولكن الطريقة التي تتشكّل بها [...] تخلق حياةً بائسة" كما قال إيكوشار قبل عقود من الزمن(22). لم نبلغ بعد مرتبة الوعي ومرتبة الدفاع عن ما يصطلح عليه بـ “الحداثة القصديرية" التي نراها في أفلام بلدان مثل تركيا وبلدان من أمريكا الجنوبية.
وهنا لا نصدر عن أي نظرة تخلط ما بين المقاربات والتخصّصات والاستراتيجيات، وقبل ذلك لا نرغب في أن نوحي بأي نوع من التطاول على أدوار خبراء ما يعرف اختزالا بـ"E.B.S" ("دراسات سلوكيات البيئة" (Environment - Behavioral Studies) التي تمكّن المخطّطين من توقّع الأزمات الناجمة عن برامج التنمية ومشاريعها(23). وكما أننا لا نوحي بأي نوع من التطلّع إلى مزاحمة الباحث أو حتى المثقف المعماري؛ غير أن ذلك لا يعفي المثقف العام، النقدي تعيينا، من الاضطلاع بأدواره لا على مستوى توسيع دوائر "حكايات المدينة العربية" فقط، بل على مستوى استخلاص "معاني المدينة" أيضا. ذلك أن المدينة ليست مجرد تخطيط وتصاميم ومقاييس... إنما هي ترميزات سيميولوجية وأبعاد أنثروبولوجية وثقافية أيضاً. والرهان، كذلك، على ما يمكن الاصطلاح عليه بـ "عمل المدينة" ومدى استمرارها في العمل كمواقع للهوية والثقافة والذاكرة والسرد والإنتاج (24). وذلك كلّه وقف على الانخراط في نوع من النقاش العام وفي دلالة على أن الهندسة المعمارية، أو التعمير بعامة، وسيلة لتسيير المجتمع قبل أن تكون وسيلة لتسيير المجال. والعدالة الاجتماعية لا يمكنها التحقّق إلا من خلال الكيفية التي يتمّ بها تدبير هذا المجال وتسييره (25). ومن ثم نقل ملف التمدين على مستوى التطلع إلى "مؤشّرات" ما بعد الربيع العربي.

إحالات:

1 ــ انظر: جاك لوغوف (مشرف): التاريخ الجديد، ترجمة: محمد الطاهر المنصوري، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2007.
2 ــ عبد الأحد السبتي: الذاكرة والتاريخ ــ أوراش في تاريخ المغرب، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2012، ص202.
3 ــ انظر نص البحث على الموقع التالي: معهد العالم للدراسات.
4 ــ انظر: ابتسام علام: ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻬﺎﻤﺸﻴﺔ: ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺃﻨﺜﺭﻭﺒﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺴﻭﻟﻴﻥ ﺒﻤﺩﻴﻨﺔ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ، جامعة القاهرة ــ كلية الآداب، مركز البحوث والدراسات الاجتماعية، على الموقع التالي: mohamedrabeea.com.
.5 ــ دنيس كوش: مفهوم الثقافة في العلوم الاجتماعية، ترجمة: د. منير السعيداني، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2007، ص173.
6 ــ جلبير الأشقر: الشعب يريد ــ بحث جذري في الانتفاضة العربي، ترجمة عمر الشافعي بالتعاون مع الكاتب (بيروت: دار الساقي، طبعة ثانية، 2014)، ص 160.
7 ــ انظر:
Samir Amin: Le monde arabe dans la longue durée: un printemps des peuples?: Temps des cerises, Paris, 2011.
8 ــ انظر: المجتمع الموازي بين الهامشية والوظيفية (جماعي)، كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة، تونس، 2012.
9 ــ المهدي بن بركة: الاختيار الثوري، منشورات اليسار الديمقراطي، الدار البيضاء، 1996، ص49.
10 ــ ديبيش شاكرابارتي: مواطن الحداثة ــ مقالات في صحوة دراسات التابع، ترجمة: مجيب الرحمان، هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث (كلمة)، أبو ظبي، 2011، ص284.
11 ــ حوار مع هشام جعيط على موقع "العربي الجديد".
12 ــ حوار مع فوزي محفوظ على موقع "العربي الجديد".
ــ وللمزيد من الاطلاع على موضوع المدينة في المغرب من ناحية إشكالات التأسيس والتطوّر وعلاقتها بالسلطة عبر العصور... انظر: المدينة في تاريخ المغرب العربي (جماعي)، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية 2 ابن مسيك ــ الدار البيضاء، المغرب، 1988.
13 - Jérôme Chapuisat: Le Droit De L’Urbanisme, Que Sais-je, PUF, Paris, 3édition, 1983, P6.
14 ــ انظر:
- Jean-Louis Cohen, Monique Eleb: Casablanca: mythes et figures d'une aventure urbaine, Hazan, Paris, 1998.
15 - Abderrahmane Rachik: Ville et Pouvoirs au Maroc, Afrique Orient, Casablanca, 1995.
16 ــ "رسميا... المصريون أصبحوا تسعين مليونا ومسؤول يحذر من "كارثة سكانية"/ على موقع جريدة "القدس العربي" التالي: انظر الرابط.
17 ــ جان كلود دافيد: حلب، مدينة دائمة في التاريخ، ترجمة: بدر الدين عرودكي/ على موقع معهد العالم للدراسات: انظر الرابط.
18 ــ المرجع نفسه. وللمزيد من التوسّع بخصوص مخاطر البلقنة والتقسيم والارتهان للخارج في حال سوريا ككل، انظر: غازي دحمان: إعادة تشكيل سوريا القديمة: ديموغرافيا وجغرافية وحوكمة جديدة للبلاد ( 13نيسان/أبريل 2017)/ على موقع العالم للدراسات: انظر الرابط.
19 - Franz Fanon: Les Damnés de La terre, Gallimard, Paris, 1991, P48.
20 ــ كريستوف فولف: علم الأناسة ــ التاريخ والثقافة والفلسفة، ترجمة: أبي يعرب المرزوقي، الدار المتوسطية للنشر، كلمة، أبو ظبي، 2009، ص166.
21 ــ حارث علي العبيدي: العشوائيات: دراسة سوسيوأنثروبولوجية في الإقصاء
الاجتماعي/ المكاني، دار غيداء للنشر والتوزيع، عمان،2011، ص62.
22 ــ انظر: الفصل المتميّز الذي خصّه الباحث نجيب تقي لميشال إيكوشار في كتابه "جوانب من ذاكرة كريان سنطرال ــ الحي المحمدي في القرن العشرين" (الجزء الأول)، طبعة ثانية، منشورات ملتقى الطرق، الدار البيضاء: 2014.
23 ــ بخصوص الموضوع في السياق العربي، انظر: مشاري بن عبد الله النعيم، العمارة والثقافة ــ دراسة نقدية في العمارة العربية، كتاب الرياض، مؤسسة اليمامة الصحفية بالرياض، 2005.
24 ــ دفيد س. ثورنس: كيف تتحول المدن ــ النظرية المدينية وحياة المدينة، ترجمة: احمد رمو، منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب، وزارة الثقافة، دمشق، 2009.
25 ــ انظر:
- Bernard Bret (Dir), Justice et Injustice Spatiales, Presses universitaires de Paris Ouest, Paris, 2010.
تحميل المادة بصيغة PDF: من الانفلات إلى التجريف: عن معمار المدينة العربية ومعيار الربيع العربي (مقترب انثربولوجي) (740 تنزيلات)
0 تعليق3953 قراءةكلمات مفتاحية : المدينة العربية التمدين المنفلت اللامدينة ربيع معماري تجريف معماري يحيى بن الوليد
يحيى بن الوليد
يحيى بن الوليد
ناقد ثقافي وباحث أكاديمي ، وأستاذ التعليم العالي. حاصل على دبلوم الدراسات العليا (1998) والدكتوراه (2002) في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.من إصداراته: "التراث والقراءة ــ دراسة في الخطاب النقدي عند جابر عصفور" (القاهرة، 1999)، "الخطاب النقدي المعاصر بالمغرب" (القاهرة، 2003)، "الوعي المحلق ــ إدوارد سعيد وحال العرب" (القاهرة، 2010)، "سلطان التراث وفتنة القراءة" (الأردن، 2010)، "صور المثقف" (الرباط، 2013)، "الدار البيضاء... الهوية والمعمار 1912 ــ 1960" (2016) (بالاشتراك مع الباحث المعماري رشيد الأندلسي)، ".

من الانفلات إلى التجريف: عن معمار المدينة العربية ومعيار الربيع العربي (مقترب انثربولوجي)من الانفلات إلى التجريف: عن معمار المدينة العربية ومعيار الربيع العربي (مقترب انثربولوجي)