الشويخ سعيد 

zaïla.Histoire 

ZAILA.COM
Asilah.fr

CULTURE LOCALE

MENU

مقبرة سيدي والو
                 
إلى روح جدتي رحمة بنعياد (2021-1930)

.
.
  في ذات طفولة بعيدة، بينما كنت نائما في غرفة جدتي في منزلها المطل على مقبرة المدينة، في ذلك الليل البهيم المنسدلة ستائره السوداء حدادا، على الراقدين في عالم البرزخ، الصامت كصمت أبو الهول و هو يحرس أهرام طيبة، قبل أن تلفه عواصف الصحراء لتهوي به في سحيق غياهب جب التاريخ، ليل ما يكسره بين الفينة و الأخرى سوى صوت الصراصير ، الذي لا يعرف لغتها و لا يطرب لأنسها سوى الليل نفسه، و أصوات السكارى المتعالية هنا و هناك ممن رفض الليل أن يضمد جراحهم  أو بالأحرى كان يقلب عليهم المواجع،  فتلك هي سيرة الليل لا تخفي على أحد.
   في تلك الليلة الليلاء، اهتزت مدينة الأموات و معه جسدي الصغير المجبر  بكسور ، لازالت و قائعها لم تحدث بعد !! ولزالت حروفا مسطرة في اللوح المحفوظ!!!..
حمل الصمت إلى مسمعي و أكيد إلى مسمع الراقدين تحت التراب ، و قد استعجلوا النفخ في الصور العظيم،  بعد طول مقام في برزخهم الأرضي مقيدين بضيق اللحود..كان صوت نواح و عويل امرأة جاءت إلى المقبرة تبكي ولدها أو بنتها لا أدري..وحقيقة تحايلت على عقلي الصغير،  لأهدأ من روعه، و لأكمل نومي حتى الصباح، الذي استعجلت بزوغ نوره المضيئ لينفد من كوة بؤبؤ عيني ويضيئ عتمة نفسي المفزوعة المضطربة، و خاطبت نفسي محاولا تنيها عن الصراخ و الإستجداء بجدتي، و لم أفعل هي إهانة لذاك الرجل الذي سأكونه.  و قلت لها ، هو دواخ مغزل جدتك و أنت تطيل النظر فيه، كما يسبب لك رؤية صور أشباح و ظلال تقوض عليك نومك، يسبب أيضا إنبعاث أصوات لا مصدر لها سوى عقلك الصغير، و لا تنسى أنك تقضي اليوم كله تائها بين القبور، كيف تريد أن تفلت من ضربات الشمس المسببة للسهر و الحمى  وها أنت تهلوس؛ و زدت.. ربما هو صوت نساء ضريح المولى عبد السلام، و هن يغنين مواويل جبلية، ولعله صدى أعيوع انعكس بين وهاد الجبال  و ضل يتردد طنينا على طبلة أدنك، عقب زيارتكم الغير البعيدة لمقام هذا الولي الصالح في جبل العلم.
وما فلحت في إقناعها، أنا لي ذلك وكما يقال ينام النوم و لا أنام، ليل قيس موج بحر و قد هاج، لأغرق في بلل من خوف..