zaïla.Histoire 

اسامة الزكاري

ZAILA.COM
Asilah.fr

MENU

CULTURE LOCALE

أدولفو  غيفارا 

يعتبر أدولفو غيفارا واحدا من أشهر برتغاليي مدينة أصيلا الذين كتبوا عنها وساهموا في التوثيق لتحولات واقعها خلال مرحلة الاحتلال البرتغالي الذي غطى سنوات ممتدة من القرنين 15 و16 الميلاديين. ولد أدولفو غيفارا بمدينة أصيلا، وقضى بها فترة الصبا والنشأة، وبقي مستقرا بها لفترة زمنية طويلة، قبل أن يضطر لتركها والعودة إلى بلده الأصلي عقب تحرير المغاربة للمدينة.
    وعلى الرغم من اضطرار أدولفو غيفارا للنزوح عن مدينة أصيلا، فقد ظل يحمل معه عشقا خاصا لها، ارتبط بمجموع السنوات الخمسين التي قضاها بين ظهرانيها. وقد جسد هذا العشق بتأليف كتاب فريد من نوعه اختار له عنوان "أصيلا تحت الاحتلال البرتغالي في القرنين 15 و16"، احتوى على سرد مثير لتفاصيل أوضاع المدينة وتطوراتها المجالية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، مما عايشه المؤلف وكان شاهدا على وقائعه. ويعتبر هذا الكتاب واحدا من أمهات المصادر البرتغالية المخصصة بالكامل لسيرة مدينة أصيلا خلال القرن 15. كتبها "أصيلي برتغالي"، كما وصف المؤلف نفسه في مقدمة الكتاب، مبجلا وقائع فترة زمنية طويلة قضى حوالي ثلاثين سنة منها وهو "يقاتل" من أجل المدينة التي أنجبته. دافع أدولفو غيفارا بقوة عن "مدينته" أصيلا، من وجهة نظره كفاعل أنجبه الأمر الواقع المرتبط بظروف الغزو والاحتلال الإيبيريين للثغور المغربية عند مطلع العصر الحديث. يتحدث عن مدينة أصيلا مستعملا لفظة "بلادي"، ويربط -في كتابه- بين مصيره وبين ضرورة ضمان وجوده بالمدينة. لا يتردد في التعبير عن استعداده للموت من أجل المدينة ومن أجل الدفاع عنها بالسيف وبالتأليف وبالكتابة عنها.
     يذكر أدولفو غيفارا أن والده، أنطونيو، كان من بين الجنود الذين نزلوا بميناء المدينة رفقة جيش الملك البرتغالي ألفوسو الخامس الملقب ب"ألفونسو الإفريقي"، وذلك سنة 1471. قضى أنطونيو خمسا وأربعين سنة بالمدينة، محاربا ومقاتلا ضد مقاومة المغاربة التي طوقت المدينة قي حرب شاملة. وبقي كذلك، إلى أن لقي حتفه سنة 1516 في إحدى المواجهات البرتغالية مع الجيش المغربي بقيادة السلطان محمد الشيخ الوطاسي. ويؤكد أدولفو غيفارا أن والده استمات في الدفاع عن "مدينته" ببطولة نادرة، ورفض النزول من فوق أعلى السور البرتغالي حيث كان يساهم في رد الهجوم المغربي. وفوق هذا السور، فارق الحياة، رافضا الاستسلام للمغاربة.
     يحتوي كتاب أدولفو غيفارا على تفاصيل غزيرة حول واقع مدينة أصيلا خلال القرنين 15 و16 الميلاديين، مما لا نجد مثيلا له بباقي الإسطوغرافيات سواء منها البرتغالية الإيبيرية أم المغربية العربية. ولعل هذا ما جعل المؤرخين المغاربة المتخصصين يعتمدون على مضامينه في إنجاز أعمالهم ذات الصلة، وخاصة بالنسبة للأستاذ أحمد بوشرب. كما انفتح أبناء المدينة المهتمين برصد تاريخها، بالنهل من مضامين الكتاب وبتوظيفها في أعمالهم وفي كتاباتهم، وعلى رأسهم المرحوم بنعيسى العيساوي الذي قام بترجمة أجزاء من الكتاب، احتواها كتابه الصادر سنة 1994 تحت عنوان "أصيلة- الماضي والحاضر".
     يظل أدولفو غيفارا ابنا غير شرعي للمدينة، يعود له الفضل في تخليد اسمها داخل المخيال الجماعي للبرتغاليين. لذلك، كنت أجد نفسي -دائما- منشغلا بتلمس معالم "سر" كل هذا العشق الذي توارثه البرتغاليون عن "أصيلا البرتغالية"، وهو العشق الذي لازلنا نتمثل الكثير من تعبيراته في المسلكيات اليومية وفي أنماط التفكير الجماعية، وقبل ذلك، في المعالم الأثرية المادية المنتصبة في قلب المدينة.

بقلم اسامة الزكاري

بقلم اسامة الزكاري

أدولفو غيفارا