zaïla.Histoire 

اسامة الزكاري

ZAILA.COM
Asilah.fr

MENU

CULTURE LOCALE


الولي الصالح، نزيل المدينة ودفينها وضامن أسرارها. ينحدر من أسرة آل غيلان الشهيرة بشمال غرب المغرب، والمعروفة بأدوارها الجهادية والعلمية والصوفية على امتداد القرون الطويلة الماضية. ويمكن القول إن سيرة الولي الصالح سيدي محمد العربي غيلان قد أضحت جزءا مكينا من سيرة مدينة أصيلا، لاعتبارات متعددة، لعل أبرزها مكانته الروحية الأصيلة المتوارثة عبر العهود الماضية، ثم نجاحه في وسم الأبعاد التعبدية لسكان المدينة من خلال صورة "الضامن" لهويتها الروحية. ومعلوم أن مدن المغرب ظلت -دائما- تعرف من خلال سير أوليائها، مثلما هو الحال مع الولي الصالح سيدي بليوط بالدار البيضاء، أو مع الولي مولاي بوغالب بالقصر الكبير، أو سيدي بوعبيد الشرقي بأبي الجعد، أو سيدي بوعراقية بطنجة، أو سيدي طلحة الدريج بتطوان،... فلا تذكر مدينة أصيلا إلا ويذكر اسم الولي الصالح محمد العربي غيلان.
     اكتسب هذا الولي شهرة واسعة من خلال كراماته في شفاء الأمراض العصبية والجلدية، وأصبح السكان يحكون قصصا متواترة، خاصة منها تلك المرتبطة بطقوس تقييد المرضى بالسلاسل، أو التمسح بالشجرة الباسقة الموجودة بفضاء الضريح،... وهي ممارسات أساءت كثيرا لسمعة الضريح ولسيرة نزيله، الأمر الذي دفع بالقيمين على الضريح إلى منع هذه الطقوس التي لا تمت بصلة إلى نبل فعل التصوف ومقاصده الروحانية العميقة.
    ولد الولي الصالح سيدي محمد العربي غيلان بمدشر القرمود، المعروف حاليا باسم زعرورة، الموجود بتراب قبيلة بني كرفط، خلال إحدى سنوات الفترة المرتدة ما بين نهاية القرن 18 ومطلع القرن 19. تلقى أصول علوم الشريعة واللغة، ونبغ في مجالاتها، كما أخذ أصول التصوف من ينابيعها الأصيلة، متأثرا بالجو العام الذي نشأ فيه وترعرع داخله، حيث الورع والتقوى والاعتزاز بأعلام آل غيلان الذين صنعوا صفحات ناصعة من تاريخ شمال غرب المغرب، وعلى رأسهم المجاهد المقدم أحمد الخضر غيلان. وعندما بلغ سيدي محمد العربي غيلان سن الرشد، توجه إلى مدينة أصيلا للاستقرار بها، حيث قضى بقية حياته، زاهدا عن إغراءات الحياة المادية. فعرف داخل المدينة بورعه وبتقواه وبزهده، مما أهله ليصبح مقصدا للسائلين عن قضايا الدين والدنيا، ومرشدا للباحثين عن ينابيع الطهرانية الروحية المرتبطة بنورانية فعل التصوف، وبكشوفاته المميزة، وبفتوحاته الربانية القائمة، وبحالات وجده وحلوله السامية. وظل على هذا الحال، نبعا للتقدير وللتوقير، إلى أن فارق الحياة حوالي سنة 1855م/1233ه، مخلفا سير كراماته التي فتحنا أعيننا على تفاصيلها المبهرة منذ أن وعينا بوجودنا بمدينة أصيلا.
    لا شك أن مرحلة القرن 19م التي عاشها الولي محمد العربي غيلان بما حملته من تحولات عميقة على المجتمع والدولة المغربيين، جعلت محمد العربي غيلان يختار نهجه الصوفي في الحياة، كرد على حالة التدهور التي كانت عليها البلاد من جراء تزايد الضغط الاستعماري على بلادنا عقب هزيمة إيسلي أمام فرنسا سنة 1844. وكرد فعل على هذا التحدي الطارئ الذي أضحى يهدد "بيضة الإسلام"، وأمام عجز السلطة المركزية عن إيقاف مسلسل التدهور. كان للخطاب الصوفي دوره الفعال في تحصين المجتمع وفي توفير له شروط المناعة الضرورية ضد انتكاسات المرحلة. ولعل هذا ما جعل الولي الصالح سيدي محمد العربي غيلان يتحول إلى قطب زمانه داخل مجال استقراره، مكتسبا صفة الملجأ الآمن لضمان سكينة الروح وبلسم الجسد وكشف القلوب.

سيدي محمد العربي غيلان..  

سيدي محمد العربي غيلان..  

سيدي محمد العربي غيلان..