zaïla.Histoire 

اسامة الزكاري

ZAILA.COM
Asilah.fr

MENU

CULTURE LOCALE

البحث في تاريخ شمال المغرب: حصيلة سنة 2022

على الرغم من أن منطقة شمال المغرب ظلت محورا رئيسيا للكثير من الوقائع الحاسمة في مسارات تشكل الدولة والمجتمع المغربيين، فإن ذلك لم يشفع لها لكي تقنع صانعي سياسة الراهن، بإضفاء طابع مؤسساتي على جهود كتابة تاريخ المنطقة، تجميعا لمواده الوثائقية الغميسة، وتنظيما لأعماله الأركيولوجية الميدانية، وتصنيفا لمظانه البيبليوغرافية المصدرية ولإنتاجاته الراهنة المنجزة داخل المغرب وخارجه، وتوظيفا لتراثه الرمزي بمختلف تعبيراته السلوكية والذهنية، واستلهاما لنتائج التطبيقات العلمية الإجرائية التي راكمها تطور مناهج البحث التاريخي المعاصر، سواء على المستوى الوطني أم على المستوى الدولي. وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة لجهود المؤسسات الرسمية المختصة، أو التي من المفروض أن تكون كذلك، فإن مجال تلقي المعرفة التاريخية العلمية قد عرف طفرة كبرى بفضل مجهودات، فردية أو جماعية، موزعة هنا وهناك، استطاعت أن تبلور اهتمامات علمية أصيلة في أعمال مونوغرافية أو قطاعية، عرفت طريقها إلى النور، إما في شكل أعمال جامعية أو منتديات مدنية أو ندوات إشعاعية أو إطارات تواصلية.

وقبل تقديم جردنا للحصيلة الكمية المنجزة في هذا الإطار، نود التأكيد على جملة من الملاحظات المنهجية في عملية التجميع. فالأمر لا يتعلق بتقييم رصيد المنجز، على مستوى قيمه العلمية المعرفية، بقدر ما أنه تجميع كمي يستهدف تقريب المهتمين من عطاء حقل تاريخ شمال المغرب، وفق نظرة راصدة لمجال عطاء الجامعة والباحثين المتخصصين ومجموع المهتمين، من إطارات مدنية أو نخب مهتمة ممن لا تنتمي بالضرورة إلى مجال الكتابة التاريخية المتخصصة، بمعناها الحصري الضيق. فالأولوية بالدرجة الأولى ستكون للتعريف بما تحقق فعليا، وترك الحكم الفاحص على قيمه المعرفية والمنهجية للدراسات التشريحية ذات الصلة. وفي هذا المسعى، اكتفينا بالتعريف –فقط– بالأعمال التي ارتكزت على مكوني منطقة الشمال الجغرافيين والتاريخيين، وأقصد منطقة جبالة ومنطقة الريف، بمكوناتهما التاريخية والحضارية المتميزة، وفي أصقاعهما الجغرافية المترامية. ومعلوم أن الكثير من القضايا المشتركة بين التطورات التاريخية للمنطقتين المذكورتين وبين مجموع التطورات التي عرفتها عموم البلاد، تظل عنصرا مركزيا في البحث وفي التنقيب. فلقد صدرت عدة أعمال اهتمت بقضايا المشترك العام، حيث كان لمنطقة الشمال حضور لافت في حلقات ممتدة من التاريخ العام لبلاد المغرب، في مختلف عقودها المتواترة وتطوراتها المتعاقبة. لذلك، فإننا لن نعدم الوقوف عند تفاصيل دالة حول تطور أوضاع منطقة الشمال، قديما وحديثا وراهنا، وحول الطرق الجديدة في التعاطي مع قضايا مركزية في درس التاريخ، مثل قضايا التحقيب، والاستنطاق الوثائقي، والرواية الشفوية، وتاريخ الهامش، وإشكالية التعامل مع طابوهات مغرب ما بعد الاستقلال السياسي، وقضايا الهوية، وشرعية السلط المتدافعة داخل الدولة والمجتمع،…

ولعل من الأمور الدالة بهذا الخصوص، نزوع إطارات العمل الجمعوي نحو مراكمة تجربة لا بأس بها في تدعيم الاهتمامات العلمية للبحث في ماضي شمال المغرب، إذ أثمر سلسلة من الأعمال التي شكلت مصدرا للتأمل وعنصر الارتكاز بالنسبة للعديد من الدراسات الأكاديمية الجامعية المتخصصة. وأخص بالذكر في هذا الباب، أعمال مؤسسة الشهيد امحمد أحمد بن عبود بتطوان وجمعية البحث التاريخي والاجتماعي بمدينة القصر الكبير ومؤسسة عبد الخالق الطريس للثقافة والفكر والحوار بتطوان وجمعية ذاكرة الريف بالحسيمة وجمعية ابن خلدون للبحث التاريخي والاجتماعي بأصيلا وجمعية تطاون أسمير بتطوان، وهي الجمعيات التي أصبحت نموذجا متقدما لبلورة أشكال تطويع الاهتمامات الجمعوية مع ضرورات التوظيف العلمي لمكونات الذاكرة الجماعية والمشتركة.

ومعلوم أنه وإذا كنا قد تغافلنا عن ذكر بعض العناوين والإصدارات والأعمال، فإن ذلك لا يرتبط -بأي حال من الأحوال– بأي نية للإقصاء أو للتغييب. فالأمر ناتج –أساسا– عن محدودية اطلاعنا وعن عجزنا عن تحقيق -فرديا– عمل شامل، بتتبع كل التفاصيل وبرصد كل ما يستجد في الموضوع من أعمال ومنجزات قد تنفلت من بين أيدينا.

فعلى مستوى الأعمال القطاعية والدراسات المونوغرافية، يبدو أن المجال لم يعرف تراكما فعليا يمكن أن يؤشر على أي تطور نوعي يسمح بالحديث عن تحقيق دراسات قطاعية تعيد الاعتبار لوظيفة درس التاريخ بمنطقة الشمال. فعدد العناوين “الجديدة” ظل محدودا إلى حد كبير، وتفاوتت قيمه العلمية باختلاف مواقع أصحابه وسقف اهتماماتهم المعروفة.

تتوزع أهم إصدارات سنة 2022 حسب التحديدات المنهجية التي رسمناها سابقا، على الشكل التالي:

1 – أعمال قطاعية ومونوغرافية :

تعزز هذا المجال بصدور أعمال متخصصة وأخرى عامة برزت على هامش اهتمامات علمية تجاور حقل التاريخ، فجاءت متباينة في آفاقها العلمية وفي استجابتها لشروط التحديد العلمي المنهجي والمعرفي المتعارف عليها. على رأس هذه العناوين، يمكن أن نذكر:

ـ جماعي، القصر الكبير: التاريخ والمجتمع والتراث، تنسيق: محمد سعيد المرتجي، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.

ـ عبد المجيد خيالي ورشيد العفاقي (دراسة وتحقيق)، كناش مستفاد أحباس طنجة- المداخيل والصوائر 1328ه / 1329ه (1910 / 1911).

ـ محمد بن الأمين بوخبزة (جمع وانتقاء)، كناش الأشراف العلميين الشفشاونيين، تحقيق: أحمد بن علي الريسوني.

ـ امحمد بن عبود وعبد العزيز السعود، زيارة السلطان محمد الخامس لطنجة وتطوان- خطابان تاريخيان، منشورات مؤسسة الشهيد امحمد أحمد بن عبود.

ـ جمال عاطف، النوايا الإسبانية في حرب تطوان انطلاقا من الأرشيف الإسباني.

ـ محمد زوزيو، ظاهرة تقديس الأولياء وأثرها على الحياة الاجتماعية- تطوان نموذجا.

ـ حسناء داود، الرسالة الوزانية من سيدي التهامي الوزاني إلى محمد دواد، منشورات مؤسسة محمد داود للتاريخ والثقافة ومؤسسة الشهيد امحمد بن عبود.

ـ محمد البديمي، مدينة الناظور- نشأتها وملابسات مرحل توسعها.

ـ علي بلحسن، أيث ورياغل- مقاربة تاريخية اجتماعية من خلال وثائق جديدة- أيت قمرة 1660-1920. تأطير وتقديم: محمد أونيا.

ـ أحدو الحسن، إفرخانن- رباط مقاومة جهاد، مراجعة وتحقيق: أحمد أحدو.

ـ أحمد سكيرج، الظل الوريف في محاربة الريف- مذكرات محمد أزرقان، إعداد ومراجعة: عبد المجيد عزوزي.

ـ محمد بن العياشي سكيرج، رياض البهجة في أخبار طنجة، ج. 2، بعناية نبوية العشاب.

ـ عبد الصمد المنصوري، الحركة الوطنية بمدينة العرائش (1930-1956)- رصد أولي.

ـ عبد الإله الكحييل، المعتبر من الأخبار عن سقوط غرناطة وعن الموريسكيين باختصار ما بين 1462م-1614م.

ـ محمد ابن عزوز حكيم، تأسيس رباط دار بن قريش ودور الشريف الريسوني فيه، تصدير أحمد هاشم الريسوني، تقديم أحمد بن علي الريسوني.

ـ محمد محمد المنصور، شهادات تاريخية عبر بوابة طنجة عن مغرب القرنين 21-20م، ج. 2.

ـ جماعي، حرب تطوان (1859-1860)، منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير.

ـ جماعي، الأندلس- تاريخ وحضارة، تنسيق: بهيجة سيمو وحسن حافظي علوي.

ـ جماعي، لمع من ذاكرة القصر الكبير، ج.4، منشورات جمعية البحث التاريخي والاجتماعي بالقصر الكبير.

ـ خالد سرتي، الجزر المتوسطية وبناء المجال البحري الإسلامي في العصر الوسيط.

ـ العيوض سيدي محمد وحسيني هشام، من ليكسوس إلى تشميس: الأسطورة والتاريخ ونتائج البحث الأثري.

ـ أحمد بوشرب، المغرب في القرن الخامس عشر (1415-1510)- أضواء على قرن مغمور.

ـ جماعي، أعمال الندوة الدولية “الكفاح الوطني المغاربي والمؤسسات الوطنية الدولية (1946-1949)”، تنسيق محمد ياسين الهبطي وسلوى الزاهري، منشورات مؤسسة الشهيد امحمد أحمد بن عبود بتطوان.

ـ يونس السباح، بين تطوان وفاس- صفحات من التاريخ المعاصر من خلال أرشيف الديبلوماسي الأديب التهامي أفيلال (1932-2020)، منشورات أرشيف المغرب.

2 ـ دوريات متخصصة:

استمرت حالة التردي الخطير مهيمنة على هذا المجال، بالنظر لحجم الفراغ الرهيب الذي خلفه رحيل كل من عبد العزيز التمسماني خلوق ومحمد الأمين البزاز ومحمد ابن عزوز حكيم، وهم الأعلام الذين كان لهم الدور المركزي في تخصيب حقل تلقي المعرفة التاريخية، من خلال منابر ودوريات علمية أعطت للشمال إشعاعه العلمي والثقافي الرائد، مثلما هو الحال مع دورية “دار النيابة” ومجلة “الطنجيون” ومجلة “الوثائق الوطنية”… من بين أهم إصدارات سنة 2022:

ـ مجلة ليكسوس (إلكترونية)، ملف: رهانات الديبلوماسية الإيطالية بطنجة الدولية (1923-1928)، ع.42، ماي.

ـ البحث التاريخي، ملف: دراسات في تاريخ المغرب والعالم المتوسطي.

ـ مجلة ليكسوس (إلكترونية)، ملف: دار النيابة بطنجة من الاختراق الديبلوماسي إلى فرض الحماية سنة 1912م، ع.44، نونبر.

3 – الترجمة :

لازال عطاء حقل الترجمة المرتبط بفضاءات حقل التاريخ يعرف خطوات محدودة، لا تستجيب لانتظارات المؤرخين المتخصصين. ومع ذلك، فإن رصيد منجز سنة 2022، يقدم قيمة مضافة لرصيد العمل الأكاديمي المنفتح على خصوبة فعل الترجمة وعلى عوالمها الرحبة. من أهم هذه الأعمال:

ـ شارل ديدييه، نزهة في المغرب- طنجة وتطوان وسبتة 1835م، ترجمة بوشعيب الساوري.

ـ فنسنت شيين، أمريكي بين الريفيين- رحلة مراسل “شيكاغو تريبيون” في شمال المغرب (1925)، ترجمة محمد الداودي.

ـ ريتشارد س. بينيل، حرب الريف بالمغرب (1926-1921)- وجهة نظر إنجلترا للأحداث، ترجمة جواد رضواني.

4 ـ ندوات علمية :

عرفت سنة 2022 تنظيم العديد من الندوات العلمية التي تركت آثارها لدى قطاعات واسعة من الباحثين على مستويات واسعة، تجاوز البعض منها الحدود الوطنية. على رأس هذه الندوات:

ـ ندوة: أيام جبالة الأولى، 31 أبريل و1 أبريل، تنظيم مؤسسة ذاكرة جبالة والجماعة الترابية القلة، جماعة سوق القلة- القصر الكبير.

ـ ندوة التهامي الوزاني: خمسينية الرحيل- تجارب في الكتابة والمعيش، تنظيم: اتحاد كاتبات وكتاب الشمال والجماعة الحضرية لتطوان، تطوان 19 ماي.

ـ ندوة: الريف- المجال والثقافة والتنمية، تنظيم: جمعية أغبال للتنمية والتضامن، بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج والكلية متعددة التخصصات بالناظور، ميضار 4-5 غشت.

ـ ندوة: التراث بقبيلة غمارة: المؤهلات ورهانات الاستثمار في التنمية، تنظيم: فريق البحث حول دينامية المجال والمجتمع بشمال المغرب، بشراكة مع جمعية القرية للثقافة والتنمية، مقر جماعة اسطيحة، إقليم شفشاون 14 غشت.

ـ “أيام الأركيولوجيا- موقع ليكسوس الأثري”، تنظيم: وزارة الشباب والثقافة والتواصل، 10-11 دجنبر.

5 – مذكرات وسير الأعلام :

لازالت الإصدارات المرتبطة بهذا المجال محدودة إلى حد كبير، ومن أبرز ما صدر بهذا الخصوص سنة 2022، نذكر:

ـ أحمد الميموني، ديوان تراجم فقهاء من قبيلة ودراس- بحث في الموروث الجبلي.

ـ أسماء المصلوحي، أسماء وأعلام في ذاكرة تطوان.

ـ عبد السلام بن عبد الوهاب، من أرشيف السفير الأستاذ السيد محمد بن المفتي، منشورات جمعية المبادرة التنموية لتطوان والناحية.

ـ عبد السلام بن عبد الوهاب، نزهة الأصفياء بذكر من بتطوان من الأولياء، منشورات جمعية المبادرة التنموية لتطوان والناحية.

6ـ أطاريح جامعية:

عرف هذا المجال تواتر تقديم رسائل جامعية اختارت إعادة مقاربة تاريخ شمال المغرب، من منطلقات متباينة وعلى ضوء رؤى منهجية تجديدية، اختلفت في ركائزها الأكاديمية وفي قيمها المعرفية. وقد حظيت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان بنصيب الأسد من هذا التراكم، من دون أن يعني ذلك بالضرورة إحداث تحول نوعي في مجال الدراسة التاريخية النقدية وفي أسئلتها المهيكلة وفي أنساق توظيف المادة المصدرية والوثائقية. على رأس هذه الأطاريح الخاصة بشهادة الدكتوراه، نذكر:

ـ جيهان اعلالن، الصراع المغربي الإسباني من خلال حرب تطوان- الدوافع والوقائع، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، 4 يناير.

ـ يوسف الزيات، نخبة تطوان وعلاقتها بالسلطة والمجتمع زمن الحماية الإسبانية (1916/1956)- دراسة في المسار والتحولات، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك- الدار البيضاء، 21 يونيو.

ـ محمد رضا بودشار، الموريسكيون الأندلسيون في الرحلات الأوربية إلى إسبانيا في الفترة الحديثة المعاصرة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية- تطوان، 28 نونبر.

7ـ التاريخ الثقافي المعاصر:

أصبح حقل التاريخ الثقافي يثير اهتماما متزايدا لدى رواد “التاريخ الجديد”، خاصة مع تزايد الوعي بأهمية العمل على مستوى البحث في تاريخ الذهنيات المحلية وتعبيراتها الرمزية المتعددة، وتوظيفاتها الإبداعية المتشعبة. وعلى رأس ما صدر بهذا الخصوص، نذكر:

ـ محمد أبطوي، سوق “لاكورونا” وذكريات من الريف المنسي.

ـ عبد الصمد مجوقي، الحكاية الشعبية الأمازيغية بالريف- عشر حكايات من قبيلة إبقوين.

ـ محمد أخريف، نظرات في موسيقى الفن الزهجوكي والجبلي، منشورات جمعية البحث التاريخي والاجتماعي بالقصر الكبير.

ـ محمد أخريف، ماطا في الذاكرة الشعبية بين الصمود والاندثار، منشورات جمعية البحث التاريخي والاجتماعي بالقصر الكبير.

ـ لطيفة الجباري، حديث الشمال- مقالات أدبية ثقافية تربوية.

ـ محمد بلال أشمل، سؤال المشروع الثقافي في تطاون العامرة- الوجود والملكية.

ـ محمد المصطفى عزام، الصوفي أحمد ابن عجيبة- من تجربة الكتابة إلى كتابة التجربة.

ـ الشيخ العربي السيار الطنجي، كناش طرب الآلة، تقديم عثمان بن شقرون.

ـ يحيى بن الوليد، الموسيقى التقليدية بالمغرب (فرقة جهجوكة ومجموعة بول بولز)- مقاربة ثقافية.

ـ عبد السلام فرتوتي، كتابات في التاريخ والأدب.

ـ محمد أملال، الأدب الشعبي في شمال المغرب- دراسة في الأمثال السائدة في شفشاون وبربوعها.

ـ نضار الأندلسي، لباس المرأة التطوانية وحليها، منشورات جمعية الحاجة زبيدة أفيلال.

ـ أحمد عطوف (جمع وإعداد)، مناهل الفنون- مجموع مقالات العلامة عبد الله كنون بمجلة المناهل.

وبعد، فلا شك أن الحصيلة تظل بعيدة عن الاستجابة لنهم المهتمين، ولا شك أن الأجيال الراهنة من الباحثين والمؤرخين لازالت تعاني من مشاكل الإعاقة التي تحد من ضمان انسياب نهر العطاء والإنتاج. بمعنى أن الحصيلة تظل بعيدة عن تطوير الرصيد الثري الذي راكمه الرواد المؤسسون من أمثال الفيه محمد داود والعلامة سيدي عبد الله كنون والفقيه أحمد الرهوني، ثم جيل الامتداد الذي جسدته أسماء وازنة في مجال الكتابة التاريخية الوطنية المعاصرة، من أمثال محمد ابن عزوز حكيم وعبد المجيد بن جلون وعبد العزيز خلوق التمسماني ومحمد الأمين البزاز وامحمد بنعبود ومحمد الشريف… ألا يؤشر حجم التراجع الكبير الذي يعرفه مجال البحث التاريخي المشتغل على تلاوين ماضي منطقة الشمال على استفحال حالة التردي الفكري والحضاري الذي تعرفه المنطقة؟ سؤال مدخلي لفهم مجمل العوائق الفكرية لجهود الارتقاء بالوعي الجماعي لمكونات الهوية الثقافية لمنطقة الشمال، بالأمس واليوم.

البحث في تاريخ شمال المغرب: حصيلة سنة 2022